في ظل التطورات التكنولوجية السريعة، يعاني قطاع الإعلام من تحديات جمة نتيجة التغيرات الكبيرة في سلوك المستهلكين وظهور منصات إعلامية جديدة. وقد تأثرت الاقتصاديات الإعلامية بشكل ملحوظ، حيث أصبح الإعلام الرقمي هو المسيطر، بينما تراجع دور الإعلام التقليدي الذي كان يعتمد على الصحف والمجلات والتلفزيون.
نظم الإعلام الرقمي مكانة كبيرة في العالم المعاصر، محققاً نمواً متسارعاً في السنوات الأخيرة. فقد تراجعت إيرادات الإعلانات في وسائل الإعلام التقليدية، ما دفع الصحف والمجلات إلى التحول إلى النسخ الرقمية لتلبية احتياجات الجمهور المتزايدة للمحتوى الرقمي. وأصبح تقديم الخدمات المدفوعة والمحتوى الحصري أحد الحلول التي اعتمدتها المؤسسات الإعلامية لضمان استدامة إيراداتها في هذا التحول.
ويُذكر أن الإعلام الرقمي لم يقتصر على الأخبار والمحتوى الإخباري، بل أصبح يشمل الإعلانات الرقمية التي تشكل مصدراً مهماً للإيرادات. ومع تزايد تفاعل المستخدمين مع منصات التواصل الاجتماعي، تغيرت مفاهيم الإعلام بشكل جذري، إذ أصبح من الممكن الوصول إلى الأخبار والمحتوى في أي وقت ومكان، مما يعكس تحولاً كاملاً في طرق استهلاك الإعلام.
كما تجدر الإشارة إلى الفرص التي أتاحها التحول الرقمي في الإعلام. فمع تزايد الاعتماد على البث المباشر والمحتوى التفاعلي، بدأت المؤسسات الإعلامية في الاستفادة من منصات اشتراكات مدفوعة وخدمات متميزة تتيح للمستخدمين الوصول إلى محتوى حصري، وهو ما يسهم في زيادة الإيرادات المستدامة لهذه المؤسسات.
وفي السياق ذاته، نشهد دخول تقنيات جديدة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز في صناعة الإعلام. هذه التقنيات تقدم تجارب تفاعلية مبتكرة، مما يعزز من جاذبية المحتوى الإعلامي ويخلق فرصاً اقتصادية جديدة في مجالات مثل الترفيه والتعليم والإعلام.
من الجدير بالذكر أن التحديات التي يواجهها قطاع الإعلام في العصر الرقمي تتطلب التكيف مع متطلبات السوق الجديد. يجب على المؤسسات الإعلامية تطوير استراتيجيات مبتكرة توازن بين جودة المحتوى وتحقيق الأرباح، مع التركيز على مكافحة الأخبار الزائفة وحماية حقوق الملكية الفكرية.
في الختام، يمكن القول إن التحولات الرقمية في الإعلام تحمل تحديات وفرصاً كبيرة. ومن خلال التكيف مع هذه التغيرات والاستثمار في الابتكار التكنولوجي، يمكن لقطاع الإعلام أن يظل مزدهراً ويحقق استدامة اقتصادية على المدى الطويل.

"مصدق عبد الامير كريم الصفار"

جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق